كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



هَذَا وَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ لَفْظِ النَّفْسِ- بِصَرْفِ النَّظَرِ عَنِ الرِّوَايَاتِ، وَالتَّقَالِيدِ الْمُسَلَّمَاتِ- أَنَّهَا هِيَ الْمَاهِيَّةُ، أَوِ الْحَقِيقَةُ الَّتِي كَانَ بِهَا الْإِنْسَانُ هُوَ هَذَا الْكَائِنُ الْمُمْتَازُ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْكَائِنَاتِ، أَيْ خَلَقَكُمْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَحَقِيقَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْحَقِيقَةُ بُدِئَتْ بِآدَمَ- كَمَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْكِتَابِ وَجُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ- أَوْ بُدِئَتْ بِغَيْرِهِ وَانْقَرَضُوا كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشِّيعَةِ وَالصُّوفِيَّةِ، أَوْ بُدِئَتْ بِعِدَّةِ أُصُولٍ انْبَثَّ مِنْهَا عِدَّةُ أَصْنَافٍ كَمَا عَلَيْهِ بَعْضُ الْبَاحِثِينَ، وَلَا بَيْنَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْأُصُولُ أَوِ الْأَصْلُ مِمَّا ارْتَقَى عَنْ بَعْضِ الْحَيَوَانَاتِ، أَوْ خُلِقَ مُسْتَقِلًّا عَلَى مَا عَلَيْهِ الْخِلَافُ بَيْنَ النَّاسِ فِي هَذَا الْعَصْرِ، وَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ فِي سُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} [23: 12] الْآيَاتِ، وَسَنُبَيِّنُ فِي تَفْسِيرِهَا، أَوْ تَفْسِيرِ سُورَةِ الْحِجْرِ مَا يُفِيدُهُ مَجْمُوعُ الْآيَاتِ الْمُنَزَّلَةِ فِي خَلْقِ الْإِنْسَانِ مِنْ كَيْفِيَّةِ تَكْوِينِهِ.
عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَكُلُّ قَوْلٍ يَصِحُّ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ هُمْ مِنْ نَفْسِ وَاحِدَةٍ هِيَ الْإِنْسَانِيَّةُ الَّتِي كَانُوا بِهَا نَاسًا، وَهِيَ الَّتِي يَتَّفِقُ الَّذِينَ يَدْعُونَ إِلَى خَيْرِ النَّاسِ، وَبِرِّهِمْ وَدَفْعِ الْأَذَى عَنْهُمْ عَلَى كَوْنِهَا هِيَ الْحَقِيقَةُ الْجَامِعَةُ لَهُمْ، فَتَرَاهُمْ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي أَصْلِ الْإِنْسَانِ يَقُولُونَ عَنْ جَمِيعِ الْأَجْنَاسِ وَالْأَصْنَافِ: إِنَّهُمْ إِخْوَتُنَا فِي الْإِنْسَانِيَّةِ، فَيَعُدُّونَ الْإِنْسَانِيَّةَ مَنَاطَ الْوَحْدَةِ، وَدَاعِيَةَ الْأُلْفَةِ وَالتَّعَاطُفِ بَيْنَ الْبَشَرِ، سَوَاءٌ اعْتَقَدُوا أَنَّ أَبَاهُمْ آدَمُ عليه السلام أَوِ الْقِرْدُ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ.
وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْمُرَادُ مِنْ تَذْكِيرِ النَّاسِ بِأَنَّهُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ مُقَدِّمَةٌ لِلْكَلَامِ فِي حُقُوقِ الْأَيْتَامِ، وَالْأَرْحَامِ؛ وَلَيْسَ كَلَامًا مُسْتَقِلًّا لِبَيَانِ مَسَائِلِ الْخَلْقِ وَالتَّكْوِينِ بِالتَّفْصِيلِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ مَقَاصِدِ الدِّينِ. وَبِهَذَا التَّفْسِيرِ يَنْحَلُّ مَا سَيَأْتِي مِنَ الْإِشْكَالِ اللَّفْظِيِّ بِأَوْضَحَ مِمَّا حَلُّوهُ بِهِ.
أَمَّا حَقِيقَةُ النَّفْسِ الَّتِي يَحْيَا بِهَا الْإِنْسَانُ وَتَتَحَقَّقُ وَحْدَةُ جِنْسِهِ عَلَى كَثْرَةِ أَصْنَافِهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ كَمَا اخْتَلَفَ فِيهَا مَنْ قَبْلَهُمْ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ:
هِيَ عَرَضٌ مِنْ أَعْرَاضِ الْبَدَنِ لَا اسْتِقْلَالَ لَهَا بِنَفْسِهَا، بَلْ هِيَ الْحَيَاةُ. وَقَالَ الْجُمْهُورُ: بَلْ هِيَ جَوْهَرٌ، قَالَ بَعْضُهُمْ: مَادِّيٌّ، وَبَعْضُهُمْ إِنَّهُ مُجَرَّدٌ عَنِ الْمَادَّةِ. وَقِيلَ: هِيَ جُزْءٌ مِنَ الْبَدَنِ، وَقِيلَ:
جِسْمٌ مُودَعٌ فِيهِ، وَاخْتُلِفَ فِي الرُّوحِ فَقِيلَ: هِيَ النَّفْسُ، وَقِيلَ غَيْرُهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِالْوَقْفِ، وَعَدَمِ جَوَازِ الْكَلَامِ فِي حَقِيقَةِ الرُّوحِ، كُلُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ نُقِلَتْ عَنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ، وَالْفَلْسَفَةِ، وَالتَّصَوُّفِ، وَلَمْ يُكَفِّرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَحَدًا بِمَذْهَبِهِ فِيهَا، وَمِنَ الْغَرَائِبِ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الرُّوحَ عَرَضٌ مِنْ أَعْرَاضِ الْجِسْمِ هُوَ الْحَيَاةُ مَنْقُولٌ عَنِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ، وَأَتْبَاعِهِ مِنْ مُتَكَلِّمِي الْأَشَاعِرَةِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يُعَدُّ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ الْأَشَاعِرَةِ، وَرُوِيَ عَنِ الْإِمَامِ مَالِكٍ أَنَّ الرُّوحَ صُورَةٌ كَالْجَسَدِ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي تَعْرِيفِ الرُّوحِ، وَشَرْحِ حَقِيقَتِهِ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ: إِنَّهُ جِسْمٌ مُخَالِفٌ بِالْمَاهِيَّةِ لِهَذَا الْجِسْمِ الْمَحْسُوسِ، وَهُوَ جِسْمٌ نُورَانِيٌّ عُلْوِيٌّ خَفِيفٌ حَيٌّ مُتَحَرِّكٌ، يَنْفُذُ فِي جَوْهَرِ الْأَعْضَاءِ، وَيَسْرِي فِيهَا سَرَيَانَ الْمَاءِ فِي الْوَرْدِ، وَسَرَيَانَ الدُّهْنِ فِي الزَّيْتُونِ، وَالنَّارِ فِي الْفَحْمِ، فَمَا دَامَتْ هَذِهِ الْأَعْضَاءُ صَالِحَةً لِقَبُولِ الْآثَارِ الْفَائِضَةِ عَلَيْهَا مِنْ هَذَا الْجِسْمِ اللَّطِيفِ مُشَابِكًا لِهَذِهِ الْأَعْضَاءِ أَفَادَهَا هَذِهِ الْآثَارَ الْفَائِضَةَ عَلَيْهَا مِنَ الْحِسِّ، وَالْحَرَكَةِ الْإِرَادِيَّةِ، وَإِذَا فَسَدَتْ هَذِهِ الْأَعْضَاءُ بِسَبَبِ اسْتِيلَاءِ الْأَجْزَاءِ الْغَلِيظَةِ عَلَيْهَا، وَخَرَجَتْ عَنْ قَبُولِ تِلْكَ الْآثَارِ فَارَقَ الرُّوحُ الْبَدَنَ، وَانْفَصَلَ إِلَى عَالَمِ الْأَرْوَاحِ. اهـ.
وَأَقُولُ: إِنَّ أَقْوَى النَّظَرِيَّاتِ الْفَلْسَفِيَّةِ فِي إِثْبَاتِ الرُّوحِ، أَوِ النَّفْسِ- وَهُمَا يُطْلَقَانِ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ- هِيَ أَنَّ الْعَقْلَ، وَالْحِفْظَ، وَالذُّكْرَ (بِالضَّمِّ) أَيِ الذَّاكِرَةَ، لَيْسَتْ مِنْ صِفَاتِ هَذَا الْجَسَدِ، أَوْ أَجْزَاءِ مَاهِيَّتِهِ، وَهِيَ أُمُورٌ ثَابِتَةٌ قَطْعًا، فَلابد لَهَا مِنْ مَنْشَأٍ وُجُودِيٍّ غَيْرِ هَذَا الْجَسَدِ الْكَثِيفِ، حَتَّى إِنَّ الدِّمَاغَ الَّذِي هُوَ مَظْهَرُهَا تَنْحَلُّ دَقَائِقُهُ حَتَّى يَنْدَثِرَ، وَيَزُولَ، ثُمَّ يَتَجَدَّدَ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ، وَتَبْقَى الْمُدْرَكَاتُ مَحْفُوظَةً فِي النَّفْسِ تَفِيضُهَا عَلَى الدِّمَاغِ الْجَدِيدِ بَعْدَ زَوَالِ مَا قَبْلَهُ فَيَتَذَكَّرُهَا الْإِنْسَانُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا، وَقَدْ عَبَّرَ الْأَقْدَمُونَ عَنْ مَنْشَئِهَا الْوُجُودِيِّ الَّذِي لابد أَنْ يَكُونَ لَطِيفًا خَفِيًّا لِلَطَافَتِهِ بِالنَّفْسِ (بِسُكُونِ الْفَاءِ)، وَبِالرُّوحِ (بِضَمِّ الرَّاءِ) وَهُمَا قَرِيبَا الْمَعْنَى يَدُلَّانِ عَلَى أَلْطَفِ الْمَوْجُودَاتِ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَ كُلِّ النَّاسِ، فَالرُّوحُ (بِالضَّمِّ)، وَالرَّوْحُ (بِالْفَتْحِ) الَّذِي هُوَ التَّنَفُّسُ وَاحِدٌ فِي الْأَصْلِ، وَكِلَاهُمَا مِنْ مَادَّةِ الرِّيحِ، فَإِنَّ يَاءَ الرِّيحِ وَاوٌ قُلِبَتْ يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا، فَقَدْ أَطْلَقُوا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى اللَّطِيفِ الَّذِي هُوَ مَنْشَأُ الْإِدْرَاكِ وَالْحَيَاةِ اسْمَيْنِ مِنْ أَسْمَاءِ أَلْطَفِ الْمَوْجُودَاتِ الْمُدْرَكَةِ لَهُمْ، وَلَوْ كَانَ الْوَاضِعُونَ لِهَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ يَعْرِفُونَ مَا يَعْرِفُهُ أَهْلُ هَذَا الزَّمَانِ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ الَّتِي هِيَ أَلْطَفُ مِنَ الرِّيحِ، وَالنَّفْسِ كَالْأَيْدُرُوجِينِ وَالْكَهْرَبَاءِ لَأَطْلَقُوا لَفْظَهُمَا أَوْ لَفْظًا مُشْتَقًّا مِنْهُمَا عَلَى مَنْشَأِ الْحَيَاةِ وَالْإِدْرَاكِ، وَسَبَبِهِمَا. أَلَا تَرَى أَنَّ سَائِقِي الْمَرْكَبَاتِ الْكَهْرَبَائِيَّةِ (التِّرَامِ)، وَغَيْرَهُمْ يُعَبِّرُونَ عَنِ التَّيَّارِ الْكَهْرَبَائِيِّ الَّذِي تَسِيرُ بِهِ هَذِهِ الْمَرْكَبَاتُ بِالنَّفَسِ (بِفَتْحِ الْفَاءِ) فَالتَّسْمِيَةُ لَا تُعَيِّنُ حَقِيقَةَ الْمُسَمَّى، وَإِنَّمَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَاضِعِينَ تَخَيَّلُوا مَنْشَأَ الْحَيَاةِ شَيْئًا فِي مُنْتَهَى اللَّطَافَةِ، وَالْخَفَاءِ مَعَ قُوَّةِ تَأْثِيرِهِ وَعِظَمِ آثَارِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْفَلَاسِفَةُ هُمُ الَّذِينَ بَحَثُوا كَعَادَتِهِمْ عَنْ حَقِيقَةِ هَذَا الْأَمْرِ، وَلَا يَزَالُونَ يَبْحَثُونَ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [17: 85] أَيْ إِنَّ قِلَّةَ مَا عِنْدَكُمْ مِنَ الْعِلْمِ لَا يُمَكِّنُكُمْ مِنْ مَعْرِفَةِ حَقِيقَةِ الرُّوحِ. قَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا مَطْمَعَ فِي مَعْرِفَةِ حَقِيقَةِ الرُّوحِ، وَأَقُولُ: إِنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، بَلْ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أُوتِيَ النَّاسُ مِنَ الْعِلْمِ أَكْثَرَ مِمَّا أُوتِيَ أُولَئِكَ السَّائِلُونَ جَازَ أَنْ يَعْرِفُوهَا، لَمْ أَرَ مُوَضِّحًا، أَوْ مُقَرِّبًا لِمَعْنَى الرُّوحِ وَالنَّفْسِ فِي الْإِنْسَانِ كَالتَّمْثِيلِ بِالْكَهْرَبَائِيَّةِ، فَالْمَادِّيُّ الَّذِي يَقُولُ: إِنَّهُ لَا رُوحَ إِلَّا هَذَا الْعَرَضُ الَّذِي يُسَمَّى الْحَيَاةَ، يُشَبِّهُ الْجَسَدَ بِالْبَطَّارِيَّةِ الْكَهْرَبَائِيَّةِ، وَيَقُولُ: إِنَّهَا بِوَضْعِهَا الْخَاصِّ وَبِمَا يُودَعُ فِيهَا مِنَ الْمَوَادِّ تَتَوَلَّدُ فِيهَا الْكَهْرَبَائِيَّةُ، فَإِذَا زَالَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فُقِدَتْ، وَكَذَلِكَ تَتَوَلَّدُ الْحَيَاةُ فِي الْبَدَنِ بِتَرْكِيبِ مِزَاجِهِ بِكَيْفِيَّةٍ خَاصَّةٍ وَبِزَوَالِهَا تَزُولُ. وَيَقُولُ الْمُعْتَقِدُ اسْتِقْلَالَ الْأَرْوَاحِ: إِنَّ الْجَسَدَ يُشْبِهُ الْمَرْكَبَةَ الْكَهْرَبَائِيَّةَ، وَشِبْهَهَا مِنَ الْآلَاتِ الَّتِي تُدَارُ بِالْكَهْرَبَاءِ، تُوَجَّهُ إِلَيْهَا مِنَ الْمَعْمَلِ الْمُوَلِّدِ لَهَا، فَإِذَا كَانَتِ الْآلَةُ عَلَى وَضْعٍ خَاصٍّ فِي أَجْزَائِهَا، وَأَدَوَاتِهَا كَانَتْ مُسْتَعِدَّةً لِقَبُولِ الْكَهْرَبَائِيَّةِ الَّتِي تُوَجَّهُ إِلَيْهَا، وَأَدَاءِ وَظِيفَتِهَا فِيهَا، وَإِنْ فُقِدَ مِنْهَا بَعْضُ الْأَدَوَاتِ الرَّئِيسِيَّةِ، أَوِ اخْتَلَّ وَضْعُهَا الْخَاصُّ، فَارَقَتْهَا الْكَهْرَبَائِيَّةُ، وَلَمْ تَعُدْ تَعْمَلُ بِهَا.
عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ الْكَهْرَبَاءَ قُوَّةٌ تَعْرِضُ لِلْمَادَّةِ لَا وُجُودَ لَهَا فِي ذَاتِهَا، فَصَارُوا مِنْ عَهْدٍ قَرِيبٍ يُرَجِّحُونَ أَنَّهَا هِيَ أَصْلُ الْمَوْجُودَاتِ كُلِّهَا أَيْ إِنَّهَا مَوْجُودَةٌ بِذَاتِهَا، وَكُلُّ الْمَوَادِّ الْأُخْرَى مَوْجُودَةٌ بِهَا، وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا قَوْلُ الرُّوحِيِّينَ: إِنَّ الرُّوحَ هِيَ حَقِيقَةُ الْإِنْسَانِ الثَّابِتَةُ، وَإِنَّ قِوَامَ الْجَسَدِ بِهَا، فَهِيَ الْحَافِظَةُ لِوُجُودِهِ وَالْمُنَظِّمَةُ لِشُئُونِهِ الْحَيَوِيَّةِ، فَإِذَا فَارَقَتْهُ انْحَلَّ وَعَادَ إِلَى بَسَائِطِهِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ هَذَا بِاعْتِبَارِ الْأَسْبَابِ، وَالظَّوَاهِرِ، وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ الْجَدِيدُ فِي الْكَهْرَبَائِيَّةِ قَرِيبٌ مِنْ أَهْلِ وَحْدَةِ الْوُجُودِ مِنَ الصُّوفِيَّةِ، وَرُبَّمَا كَانَ سُلَّمًا مُوَصِّلًا إِلَيْهِ، وَسَنَعُودُ إِلَى هَذَا الْمَبْحَثِ فَنَبْسُطُ الْقَوْلَ فِيهِ عَلَى مَذَاهِبِ أَهْلِ الْفَلْسَفَةِ، وَالْعُلُومِ الطَّبِيعِيَّةِ لِهَذَا الْعَهْدِ فِي مَوْضِعٍ أَلْيَقَ بِهِ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} فَمَعْنَاهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قَرَّرْنَاهُ يَظْهَرُ بِطَرِيقِ الِاسْتِخْدَامِ بِحَمْلِ النَّفْسِ عَلَى الْجِنْسِ، وَإِعَادَةِ الضَّمِيرِ عَلَيْهِ بِمَعْنَى أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، أَوْ بِجَعْلِ الْعَطْفِ عَلَى مَحْذُوفٍ يُنَاسِبُ ذَلِكَ كَمَا قَالَ الْجُمْهُورُ، أَيْ وَحَّدَ تِلْكَ الْحَقِيقَةَ أَوَّلًا، ثُمَّ خَلَقَ لَهَا زَوْجَهَا مِنْ جِنْسِهَا. وَمَعْنَاهُ الْمُرَادُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَ لِتِلْكَ النَّفْسِ الَّتِي هِيَ آدَمُ زَوْجًا مِنْهَا وَهِيَ حَوَّاءُ، قَالُوا: إِنَّهُ خَلَقَهَا مِنْ ضِلْعِهِ الْأَيْسَرِ، وَهُوَ نَائِمٌ، وَذَلِكَ مَا صُرِّحَ بِهِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ سِفْرِ التَّكْوِينِ، وَوَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ قَارِئِ الْقُرْآنِ، وَهُنَاكَ قَوْلٌ آخَرُ اخْتَارَهُ أَبُو مُسْلِمٍ كَمَا قَالَ الرَّازِيُّ وَهُوَ: أَنَّ مَعْنَى {خَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} خَلَقَهُ مِنْ جِنْسِهَا، فَكَانَ مِثْلَهَا، فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [30: 21] وَقَوْلُهُ: {وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} [16: 72] وَقَوْلُهُ: {فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [42: 11] وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [9: 128] وَقَوْلُهُ: {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [3: 164] وَمِثْلُهُمَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَسُورَةِ الْجُمُعَةِ. فَلَا فَرْقَ بَيْنَ عِبَارَةِ الْآيَةِ الَّتِي نُفَسِّرُهَا، وَعِبَارَةِ هَذِهِ الْآيَاتِ، فَالْمَعْنَى فِي الْجَمِيعِ وَاحِدٌ، وَمَنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ أَنَّ حَوَّاءَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعِ آدَمَ فَهُوَ غَيْرُ مُلْجَأٍ إِلَى إِلْصَاقِ ذَلِكَ بِالْآيَةِ، وَجَعْلِهِ تَفْسِيرًا لَهَا، وَإِخْرَاجِهَا عَنْ أُسْلُوبِ أَمْثَالِهَا مِنَ الْآيَاتِ.
هَذَا وَإِنَّ فِي النَّفْسِ الْوَاحِدَةِ وَجْهًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّهَا الْأُنْثَى؛ وَلِذَلِكَ أَنَّثَهَا حَيْثُ وَرَدَتْ، وَذَكَّرَ زَوْجَهَا الَّذِي خُلِقَ مِنْهَا فِي آيَةِ الْأَعْرَافِ، فَقَالَ: {لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [7: 189] وَعَلَيْهِ يَظْهَرُ افْتِتَاحُ السُّورَةِ بِهَا، وَوَجْهُ تَسْمِيَتِهَا بِالنِّسَاءِ أَكْثَرُ، وَأَصْحَابُ هَذَا الرَّأْيِ يَقُولُونَ: إِنَّهُ مِنْ قَبِيلِ مَا هُوَ ثَابِتٌ إِلَى الْيَوْمِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ مِنَ التَّوَالُدِ الْبِكْرِيِّ، وَهُوَ أَنَّ إِنَاثَ بَعْضِ الْحَيَوَانَاتِ الدُّنْيَا تَلِدُ عِدَّةَ بُطُونٍ بِدُونِ تَلْقِيحٍ مِنَ الذُّكُورِ، وَلَكِنْ لابد أَنْ يَكُونَ قَدْ سَبَقَ تَلْقِيحٌ لِبَعْضِ أُصُولِهَا، وَخَلْقُ زَوْجِهَا مِنْهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا ذَاتِهَا وَأَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِهَا. وَثَمَّ وَجْهٌ آخَرُ قَرِيبٌ مِنْ هَذَا، وَهُوَ أَنَّ النَّفْسَ الْوَاحِدَةَ كَانَتْ جَامِعَةً لِأَعْضَاءِ الذُّكُورَةِ، وَالْأُنُوثَةِ كَالدُّودَةِ الْوَحِيدَةِ، ثُمَّ ارْتَقَتْ، فَصَارَ أَفْرَادُهَا زَوْجَيْنِ، قَالَ بِهَذَا، وَذَاكَ بَعْضُ الْبَاحِثِينَ الْعَصْرِيِّينَ، وَمَحَلُّ تَحْقِيقِهِ تَفْسِيرُ آيَةٍ أُخْرَى.
وَذَكَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَجْهَيْنِ فِي عَطْفِ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا عَلَى مَا قَبْلَهُ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ كَأَنَّهُ قِيلَ: مِنْ نَفْسِ وَاحِدَةٍ أَنْشَأَهَا، وَابْتَدَأَهَا وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا، وَإِنَّمَا حُذِفَ لِدَلَالَةِ الْمَعْنَى عَلَيْهِ، وَالْمَعْنَى شَعْبُكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ هَذِهِ صِفَتُهَا إلخ. وَثَانِيهِمَا: أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى خَلَقَكُمْ قَالَ: وَالْمَعْنَى: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسِ آدَمَ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْجِنْسِ الْمُفَرَّعِ مِنْهُ، وَخَلَقَ مِنْهَا أُمَّكُمْ حَوَّاءَ وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً غَيْرَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ الْفَائِتَةِ لِلْحَصْرِ. أَقُولُ: وَفِيهِ اكْتِفَاءٌ، أَيْ وَنِسَاءً كَثِيرًا.
وَقَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: نَكَّرَ {رِجَالًا}، {وَنِسَاءً}، وَأَكَّدَ هَذَا بِقَوْلِهِ: {كَثِيرًا} إِشَارَةً إِلَى كَثْرَةِ الْأَنْوَاعِ، وَإِلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّثْنِيَةِ فِي قَوْلِهِ: {مِنْهُمَا} آدَمَ وَحَوَّاءَ بَلْ كُلَّ زَوْجَيْنِ، وَهُوَ يَنْطَبِقُ عَلَى مَا قُلْنَاهُ فِي تَفْسِيرِ الْجُمْلَةِ السَّابِقَةِ، ثُمَّ إِنَّ ذِكْرَ خَلْقِ الزَّوْجِ بَعْدَ ذِكْرِ خَلْقِ النَّاسِ لَا يَقْتَضِي تَأَخُّرَهُ عَنْهُ فِي الزَّمَنِ؛ فَإِنَّ الْعَطْفَ بِالْوَاوِ لَا يُفِيدُ التَّرْتِيبَ، وَلَا يُنَافِي كَوْنَ الْكَلَامِ مُرَتَّبًا مُتَنَاسِقًا كَمَا تَطْلُبُ الْبَلَاغَةُ، فَإِنَّهُ جَاءَ عَلَى أُسْلُوبِ التَّفْصِيلِ بَعْدَ الْإِجْمَالِ. يَقُولُ: إِنَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسِ وَاحِدَةٍ، فَهَذَا إِجْمَالٌ فَصَّلَهُ بِبَيَانِ كَوْنِهِ خَلَقَ مِنْ جِنْسِ تِلْكَ النَّفْسِ زَوْجًا لَهَا، وَجَعَلَ النَّسْلَ مِنَ الزَّوْجَيْنِ كِلَيْهِمَا، فَجَمِيعُ سَلَائِلِ الْبَشَرِ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ زَوْجَيْنِ ذَكَرٍ، وَأُنْثَى اهـ. وَيَرُدُّ عَلَى قَوْلِهِ: إِنَّ الْوَاوَ لَا تُفِيدُ التَّرْتِيبَ آيَةُ الزُّمَرِ {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [39: 6] وَقَدْ أَجَابُوا عَنْهُ بِمَا يُذْكَرُ فِي مَحَلِّهِ.
وَيَرُدُّ عَلَى رَأْيِ أَبِي مُسْلِمٍ، وَرَأْيِ الْجُمْهُورِ أَنَّ بَثَّ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مِنَ الزَّوْجَيْنِ مَعًا يُنَافِي كَوْنَهُمْ مَخْلُوقِينَ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، وَيُنَاقِضُهُ، وَلَا يَرُدُّ عَلَى جَعْلِ النَّفْسِ الْوَاحِدَةِ عِبَارَةً عَنِ الْجِنْسِ، وَالْحَقِيقَةِ الْجَامِعَةِ، فَكَوْنُهُمْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ لَا يُنَافِي كَوْنَ هَذَا الْجِنْسِ خُلِقَ زَوْجَيْنِ ذَكَرًا، وَأُنْثَى، وَكَوْنَهُ بَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً، بَلْ وَلَا جَمِيعَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَنَقَلَ الرَّازِيُّ، عَنِ الْقَاضِي أَنَّ هَذَا الِاعْتِرَاضَ وَارِدٌ عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي اخْتَارَهُ أَبُو مُسْلِمٍ، وَهُوَ كَوْنُ الزَّوْجِ خُلِقَ مِنْ جِنْسِ تِلْكَ النَّفْسِ خَلْقًا مُسْتَقِلًّا دُونَ قَوْلِ الْجُمْهُورِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّ الزَّوْجَ خُلِقَ مِنَ النَّفْسِ ذَاتِهَا بِخَلْقِ حَوَّاءَ مِنْ ضِلْعِ آدَمَ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وَارِدٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَ، وَنَفْسَ الْأَمْرِ أَنَّ النَّاسَ مَخْلُوقُونَ مِنَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَهُمَا نَفْسَانِ ثِنْتَانِ سَوَاءٌ خُلِقَتَا مُسْتَقِلَّتَيْنِ، أَوْ خُلِقَتْ إِحْدَاهُمَا مِنَ الْأُخْرَى كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [49: 13] الْآيَةَ، وَلَكِنَّ التَّأْوِيلَ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ أَسْهَلُ، إِذْ يَقُولُونَ: إِنَّهُمْ لَمَّا كَانُوا مِنْ نَفْسَيْنِ: إِحْدَاهُمَا مَخْلُوقَةٌ مِنَ الْأُخْرَى صَارُوا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، وَلَيْسَ تَأْوِيلُ الْقَوْلِ الْآخَرِ بِالْعَسِيرِ، فَقَدْ قَالَ الرَّازِيُّ فِيهِ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ كَلِمَةَ (مِنْ) لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، فَلَمَّا كَانَ ابْتِدَاءُ التَّخْلِيقِ وَالْإِيجَادِ وَقَعَ بِآدَمَ عليه السلام صَحَّ أَنْ يُقَالَ: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَأَيْضًا فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّهُ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى خَلْقِ آدَمَ مِنَ التُّرَابِ كَانَ قَادِرًا أَيْضًا عَلَى خَلْقِ حَوَّاءَ مِنَ التُّرَابِ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي خَلْقِهَا مِنْ ضِلْعٍ مِنْ أَضْلَاعِ آدَمَ. انْتَهَى كَلَامُهُ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى اخْتِيَارِهِ مَا اخْتَارَهُ أَبُو مُسْلِمٍ، وَمِثْلُهُ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ.